فصل: فَصْلٌ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: شرح المحلي على المنهاج



. فَصْلٌ:

(يَلْزَمُنَا الْكَفُّ عَنْهُمْ) بِأَنْ لَا نَتَعَرَّضَ لَهُمْ نَفْسًا وَمَالًا (وَضَمَانُ مَا نُتْلِفُهُ عَلَيْهِمْ نَفْسًا وَمَالًا) أَيْ يَضْمَنُهُ الْمُتْلِفُ مِنَّا (وَدَفْعُ أَهْلِ الْحَرْبِ عَنْهُمْ) كَائِنِينَ بِدَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ مُنْفَرِدِينَ بِبَلَدٍ (وَقِيلَ: إنْ انْفَرَدُوا بِبَلَدٍ لَمْ يَلْزَمْنَا الدَّفْعُ) عَنْهُمْ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا تَقْيِيدُ الْبَلَدِ بِجِوَارِ الدَّارِ أَيْ دَارِ الْإِسْلَامِ والمستوطنون دَارَ الْحَرْبِ وَبَذَلُوا الْجِزْيَةَ لَا يَلْزَمُنَا الدَّفْعُ عَنْهُمْ جَزْمًا (وَنَمْنَعُهُمْ إحْدَاثَ كَنِيسَةٍ) وَبَيْعَةٍ (فِي بَلَدٍ أَحْدَثْنَاهُ) كَبَغْدَادَ (أَوْ أَسْلَمَ أَهْلُهُ عَلَيْهِ) كَالْيَمَنِ وَمَا يُوجَدُ فِي الْأَوَّلِ لَا يُنْقَضُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ كَانَ فِي قَرْيَةٍ أَوْ بَرِّيَّةٍ فَاتَّصَلَ بِهِ عِمَارَةُ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ عُرِفَ إحْدَاثُ شَيْءٍ نُقِضَ (وَمَا فُتِحَ عَنْوَةً لَا يُحْدِثُونَهَا فِيهِ وَلَا يُقِرُّونَ عَلَى كَنِيسَةٍ كَانَتْ فِيهِ فِي الْأَصَحِّ)، وَالثَّانِي يَقْرَءُونَ بِالْمَصْلَحَةِ (أَوْ) فُتِحَ (صُلْحًا بِشَرْطِ الْأَرْضِ لَنَا وَشَرْطِ إسْكَانِهِمْ) بِخَرَاجٍ (وَإِبْقَاءِ الْكَنَائِسِ) وَالْبِيَعِ (جَازَ) وَإِنْ ذَكَرُوا إحْدَاثَهَا جَازَ أَيْضًا (وَإِنْ أُطْلِقَ) أَيْ لَمْ يُشْرَطْ إبْقَاؤُهَا (فَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ) مِنْهُ وَالثَّانِي لَا وَهِيَ مُسْتَثْنَاةٌ بِقَرِينَةِ الْحَالِ لِحَاجَتِهِمْ إلَيْهَا فِي عِبَادَتِهِمْ (أَوْ) بِشَرْطِ الْأَرْضِ (لَهُمْ) وَيُؤَدُّونَ الْخَرَاجَ (قُرِّرَتْ وَلَهُمْ الْإِحْدَاثُ) أَيْضًا (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِأَنَّ الْبَلَدَ تَحْتَ حُكْمِ الْإِسْلَامِ. (وَيُمْنَعُونَ وُجُوبًا وَقِيلَ: نَدْبًا مِنْ رَفْعِ بِنَاءً عَلَى بِنَاءِ جَارٍ مُسْلِمٍ) وَإِنْ رَضِيَ لِحَقِّ الْإِسْلَامِ (وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ مِنْ الْمُسَاوَاةِ) أَيْضًا لِلتَّمْيِيزِ بَيْنَ الْبِنَاءَيْنِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا بِمَحَلَّةٍ مُنْفَصِلَةٍ) عَنْ الْعِمَارَةِ (لَمْ يُمْنَعُوا) مِنْ رَفْعِ الْبِنَاءِ وَالثَّانِي يُمْنَعُونَ مِنْهُ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّجَمُّلِ وَالشَّرَفِ (وَيُمْنَعُ الذِّمِّيُّ رُكُوبَ خَيْلٍ) لِأَنَّ فِيهِ عِزًّا وَاسْتَثْنَى الْجُوَيْنِيُّ الْبَرَاذِينَ الْخَسِيسَةَ (لَا حَمِيرَ وَبِغَالَ نَفِيسَةً) وَقِيلَ: يُمْنَعُ رُكُوبَ الْبِغَالِ النَّفِيسَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّجَمُّلِ (وَيَرْكَبُ بِإِكَافٍ وَرِكَابٍ خَشَبٍ لَا حَدِيدٍ وَلَا سَرْجٍ) تَمْيِيزًا لَهُ عَنْ الْمُسْلِمِ وَالْإِكَافُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ يُطْلَقُ عَلَى الْبَرْذعَةِ وَنَحْوِهَا (وَيُلْجَأُ إلَى أَضْيَقِ الطُّرُقِ) عِنْدَ زَحْمَةِ الْمُسْلِمِينَ فِيهِ بِحَيْثُ لَا يَقَعُ فِي وَهْدَةٍ وَلَا يَصْدِمُهُ جِدَارٌ. رَوَى الشَّيْخَانِ حَدِيثَ «إذَا لَقِيتُمْ أَحَدَهُمْ أَيْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فِي طَرِيقٍ فَاضْطَرُّوهُ إلَى أَضْيَقِهِ».
(وَلَا يُوَقَّرُ وَلَا يُصَدَّرُ فِي مَجْلِسٍ) فِيهِ مُسْلِمُونَ (وَيُؤْمَرُ بِالْغِيَارِ) بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ (وَالزُّنَّارِ) بِضَمِّ الزَّايِ (فَوْقَ الثِّيَابِ)، وَالْأَوَّلُ مَا يُخَالِفُ لَوْنُهُ لَوْنَهَا بِخَيْطٍ عَلَى الْكَتِفِ وَنَحْوِهِ وَالْأَوْلَى بِالْيَهُودِيِّ الْأَصْفَرُ وبالنصراني الْأَزْرَقُ، وَالثَّانِي خَيْطٌ غَلِيظٌ يَشُدُّ بِهِ وَسَطَهُ وَهُمَا لِلتَّمْيِيزِ وَجَمْعُهُمَا الْمَنْقُولُ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ تَأْكِيدٌ وَالْغِيَارُ وَاجِبٌ وَقِيلَ: مُسْتَحَبٌّ (وَإِذَا دَخَلَ حَمَّامًا فِيهِ مُسْلِمُونَ) مُتَجَرِّدًا (أَوْ تَجَرَّدَ عَنْ ثِيَابِهِ) فِي غَيْرِ حَمَّامٍ بَيْنَ مُسْلِمِينَ (جُعِلَ فِي عُنُقِهِ خَاتَمُ حَدِيدٍ) بِفَتْحِ التَّاءِ وَكَسْرِهَا (أَوْ رَصَاصٍ) بِفَتْحِ الرَّاءِ (وَنَحْوِهِ) أَيْ الْخَاتَمِ كَالْجُلْجُلِ وَفِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ يُجْعَلُ عَلَيْهِ جُلْجُلٌ (وَيُمْنَعُ مِنْ إسْمَاعِهِ الْمُسْلِمِينَ شِرْكًا) كَقَوْلِهِ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ (وَقَوْلَهُمْ) بِالنَّصْبِ (فِي عُزَيْرٍ وَالْمَسِيحِ) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ: (وَمِنْ إظْهَارِ خَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ وَنَاقُوسٍ وَعِيدٍ) فَإِنْ أَظْهَرَ شَيْئًا مِمَّا ذُكِرَ عُزِّرَ وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ فِي الْعَقْدِ (وَلَوْ شُرِطَتْ هَذِهِ الْأُمُورُ) فِي الْعَقْدِ أَيْ شُرِطَ نَفْيُهَا (فَخَالَفُوا) بِأَنْ أَظْهَرُوهَا (لَمْ يُنْتَقَضْ الْعَهْدُ) لِأَنَّهُمْ يَتَدَيَّنُونَ بِهَا. (وَلَوْ قَاتَلُونَا أَوْ امْتَنَعُوا مِنْ) إعْطَاءِ (الْجِزْيَةِ أَوْ مِنْ إجْرَاءِ حُكْمِ الْإِسْلَامِ) عَلَيْهِنَّ (اُنْتُقِضَ) عَهْدُهُمْ بِذَلِكَ لِمُخَالَفَتِهِ مَوْضُوعَ الْعَقْدِ وَمُقْتَضَاهُ (وَلَوْ زَنَى ذِمِّيٌّ بِمُسْلِمَةٍ أَوْ أَصَابَهَا بِنِكَاحٍ) أَيْ بِاسْمِهِ (أَوْ دَلَّ أَهْلُ الْحَرْبِ عَلَى عَوْرَةٍ لِلْمُسْلِمِينَ أَوْ فَتَنَ مُسْلِمًا عَنْ دِينِهِ) وَدَعَاهُ إلَى دِينِهِمْ (أَوْ طَعَنَ فِي الْإِسْلَامِ أَوْ الْقُرْآنِ أَوْ ذَكَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسُوءٍ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إنْ شُرِطَ انْتِقَاضُ الْعَهْدِ بِهَا انْتَقَضَ وَإِلَّا فَلَا) يُنْتَقَضُ وَالثَّانِي يُنْتَقَضُ مُطْلَقًا لِتَضَرُّرِ الْمُسْلِمِينَ بِهَا وَالثَّالِثُ لَا يُنْتَقَضُ مُطْلَقًا لِأَنَّهَا لَا تُخِلُّ بِمَقْصُودِ الْعَقْدِ وَصَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ (وَمَنْ اُنْتُقِضَ عَهْدُهُ بِقِتَالٍ جَازَ دَفْعُهُ وَقِتَالُهُ أَوْ بِغَيْرِهِ لَمْ يَجِبْ إبْلَاغُهُ مَأْمَنَهُ فِي الْأَظْهَرِ بَلْ يَخْتَارُ الْإِمَامُ فِيهِ قَتْلًا وَرِقًا وَمَنًّا وَفَدَاهُ فَإِنْ أَسْلَمَ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ امْتَنَعَ الرِّقُّ) فِيهِ الْجَائِزُ فِي الْأَسِيرِ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ يَدُ الْإِمَامِ بِالْقَهْرِ فَيَمْتَنِعُ فِدَاؤُهُ أَيْضًا وَمَعْلُومٌ امْتِنَاعُ قَتْلِهِ. (وَإِذَا بَطَلَ أَمَانُ رِجَالٍ لَمْ يَبْطُلْ أَمَانُ نِسَائِهِمْ وَلَا صِبْيَانِهِمْ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يَبْطُلُ تَبَعًا لَهُمْ كَمَا تَبِعُوهُمْ فِي الْأَمَانِ وَدَفَعَ بِأَنَّهُمْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُمْ نَاقِضٌ (وَإِذَا اخْتَارَ ذِمِّيٌّ نَبْذَ الْعَهْدِ وَاللُّحُوقَ بِدَارِ الْحَرْبِ بَلَغَ الْمَأْمَنَ) أَيْ مَا يَأْمَنُ فِيهِ لِيَكُونَ مَعَ النَّبْذِ الْجَائِزِ لَهُ خُرُوجُهُ بِأَمَانٍ كَدُخُولِهِ.

.باب الهدنة:

(هِيَ الصُّلْحُ مِنْ الْكُفَّارِ) عَلَى تَرْكِ الْقِتَالِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ أَوْ مَعَهُ كَمَا سَيَأْتِي (عَقَدَهَا لِكُفَّارِ إقْلِيمٍ) كَالرُّومِ وَالْهِنْدِ (يَخْتَصُّ بِالْإِمَامِ وَنَائِبِهِ فِيهَا) فَيَجُوزُ لَهُمَا (وَ) عَقَدَهَا (لِبَلْدَةٍ) أَيْ لِكُفَّارِهَا (يَجُوزُ لِوَالِي الْإِقْلِيمِ) لِتِلْكَ الْبَلْدَةِ كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ (أَيْضًا) أَيْ مَعَهُمَا (وَإِنَّمَا تُعْقَدُ لِمَصْلَحَةٍ كَضَعْفِنَا بِقِلَّةِ عَدَدٍ وَأُهْبَةٍ أَوْ رَجَاءَ إسْلَامِهِمْ أَوْ بَذْلِ جِزْيَةٍ)، مِنْ غَيْرِ ضَعْفٍ بِنَا فِي الرَّجَاءِ وَالْبَذْلِ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) أَيْ ضَعْفٌ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ (جَازَتْ) بِلَا عِوَضٍ. (أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) لِآيَةِ {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} (لَا سَنَةً وَكَذَا دُونَهَا) فَوْقَ الْأَرْبَعَةِ لَا تَجُوزُ (فِي الْأَظْهَرِ) وَالثَّانِي تَجُوزُ لِنَقْصِهَا عَنْ مُدَّةِ الْجِزْيَةِ وَالْأَوَّلُ نَظَرٌ إلَى مَفْهُومِ الْآيَةِ (وَلِضَعْفٍ تَجُوزُ عَشْرَ سِنِينَ فَقَطْ)، رَوَى أَبُو دَاوُد «أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَادَنَ قُرَيْشًا فِي الْحُدَيْبِيَةِ عَلَى وَضْعِ الْحَرْبِ عَشْرَ سِنِينَ» وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَنَّ الْعَشْرَ وَمَا دُونَهَا بِحَسَبِ الْحَاجَةِ (وَمَتَى زَادَ عَلَى الْجَائِزِ) بِحَسَبِ الْحَاجَةِ (فَقَوْلَا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ) فِي عَقْدِ أَحَدِهِمَا يَبْطُلُ فِي الْمَزِيدِ وَغَيْرِهِ، وَأَظْهَرُهُمَا فِي الْمَزِيدِ فَقَطْ (وَإِطْلَاقُ الْعَقْدِ) عَنْ ذِكْرِ الْمُدَّةِ (يُفْسِدُهُ وَكَذَا شَرْطٌ فَاسِدٌ) يُفْسِدُهُ (عَلَى الصَّحِيحِ بِأَنْ شُرِطَ مَنْعُ فَكِّ أَسْرَانَا) مِنْهُمْ (أَوْ تَرْكُ مَالَنَا) أَيْ مَالِ الْمُسْلِمِينَ فِي أَيْدِيهِمْ (لَهُمْ أَوْ لِتُعْقَدَ لَهُمْ ذِمَّةٌ بِدُونِ دِينَارٍ) لِكُلِّ وَاحِدٍ (أَوْ بِدَفْعِ مَالٍ إلَيْهِمْ) مَعْطُوفٌ عَلَى بِدُونِ وَسَيَأْتِي رَدُّ مُسْلِمَةٍ تَأْتِينَا مِنْهُمْ وَالتَّعْبِيرُ فِي الْعَقْدِ فِيهِ بِالْأَصَحِّ (وَتَصِحُّ الْهُدْنَةُ عَلَى أَنْ يَنْقُضَهَا الْإِمَامُ مَتَى شَاءَ) فَقَامَ هَذَا الْقَيْدُ مَقَامَ تَعْيِينِ الْمُدَّةِ فِي الصِّحَّةِ (وَمَتَى صَحَّتْ) أَيْ الْهُدْنَةُ (وَجَبَ الْكَفُّ عَنْهُمْ حَتَّى تَنْقَضِيَ) مُدَّتُهَا (أَوْ يَنْقُضُوهَا بِتَصْرِيحٍ) مِنْهُمْ (أَوْ قِتَالٍ لَنَا أَوْ مُكَاتَبَةِ أَهْلِ الْحَرْبِ بِعَوْرَةٍ لَنَا أَوْ قَتْلِ مُسْلِمٍ) وَمِمَّا تَنْقَضِي بِهِ الْمُدَّةُ نَقْدُ الْإِمَامِ فِي مَسْأَلَةِ التَّقْيِيدِ بِمَشِيئَةِ (وَإِذَا انْتَقَضَتْ) أَيْ الْهُدْنَةُ (جَازَتْ الْإِغَارَةُ عَلَيْهِمْ وَبَيَاتُهُمْ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ فِي بِلَادِهِمْ فَلَوْ كَانُوا بِدَارِنَا بَلَغُوا مَأْمَنَهُمْ (وَلَوْ نَقَضَ بَعْضُهُمْ) الْعَهْدَ (وَلَمْ يُنْكِرْ الْبَاقُونَ بِقَوْلٍ وَلَا فِعْلٍ) بِأَنْ سَاكَنُوهُمْ وَسَكَتُوا (اُنْتُقِضَ فِيهِمْ أَيْضًا) لِإِشْعَارِ سُكُوتِهِمْ بِالرِّضَا بِالنَّقْضِ (وَإِنْ أَنْكَرُوا بِاعْتِزَالِهِمْ أَوْ إعْلَامِ الْإِمَامِ بِبَقَائِهِمْ عَلَى الْعَهْدِ فَلَا) يُنْتَقَضُ فِيهِمْ (وَلَوْ خَافَ) الْإِمَامُ (خِيَانَتَهُمْ) بِظُهُورِ أَمَارَةٍ لَا بِمُجَرَّدِ الْوَهْمِ (فَلَهُ نَبْذُ عَهْدِهِمْ إلَيْهِمْ وَيُبَلِّغُهُمْ الْمَأْمَنَ) أَيْ مَا يَأْمَنُونَ فِيهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ عَهْدِهِمْ (وَلَا يَنْبِذُ عَقْدَ الذِّمَّةِ بِتُهْمَةٍ) بِفَتْحِ الْهَاءِ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ مُؤَبَّدٌ (وَلَا يَجُوزُ شَرْطُ رَدِّ مُسْلِمَةٍ تَأْتِينَا مِنْهُمْ) لِامْتِنَاعِ رَدِّهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إلَى الْكُفَّارِ} وَسَوَاءٌ الْحُرَّةُ أَوْ الْأَمَةُ (فَإِنْ شُرِطَ فَسَدَ الشَّرْطُ وَكَذَا الْعَقْدُ فِي الْأَصَحِّ) أَشَارَ بِهِ إلَى قُوَّةِ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَعَبَّرَ فِي صُورَةٍ تَقَدَّمَتْ بِالصَّحِيحِ إشَارَةً إلَى ضَعْفِ الْخِلَافِ فِيهَا فَلَا تَكْرَارَ وَلَا تَخَالُفَ.
(وَإِنْ شَرَطَ) الْإِمَامُ لَهُمْ (رَدَّ مَنْ جَاءَ) مِنْهُمْ مُسْلِمًا إلَيْنَا (أَوْ لَمْ يَذْكُرْ رَدًّا فَجَاءَتْ امْرَأَةٌ) مُسْلِمَةٌ (لَمْ يَجِبْ) بِارْتِفَاعِ نِكَاحِهَا بِإِسْلَامِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ (دَفْعُ مَهْرٍ إلَى زَوْجِهَا فِي الْأَظْهَرِ) وَالثَّانِي يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ إذَا طَلَبَ الزَّوْجُ الْمَرْأَةَ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ مَا بَذَلَهُ مِنْ كُلِّ الصَّدَاقِ أَوْ بَعْضِهِ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ، فَإِنْ لَمْ يَبْذُلْ شَيْئًا فَلَا شَيْءَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ الْمَرْأَةَ لَا يُعْطَى شَيْئًا قَالَ تَعَالَى {وَآتُوهُمْ} أَيْ الْأَزْوَاجَ {مَا أَنْفَقُوا} أَيْ مِنْ الْمُهُورِ الْأَمْرُ فِيهِ مُحْتَمِلٌ لِلْوُجُوبِ وَلِلنَّدْبِ الصَّادِقِ بِهِ عَدَمُ الْوُجُوبِ الْمُوَافِقُ لِلْأَصْلِ وَرَجَّحُوهُ عَلَى الْوُجُوبِ لِمَا قَامَ عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ (وَلَا يُرَدُّ) مِمَّنْ جَاءَنَا آتِيًا بِكَلِمَةِ الْإِسْلَامِ وَطَلَبَ رَدَّهُ (صَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ) وَأُنْثَاهُمَا (وَكَذَا عَبْدٌ) بَالِغٌ عَاقِلٌ (وَحُرٌّ) كَذَلِكَ (لَا عَشِيرَةَ لَهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) لِضَعْفِهِمَا وَقِيلَ: يُرَدُّ الْأَخِيرَانِ لِقُوَّتِهِمَا بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِهِمَا، وَقَطَعَ الْبَعْضُ بِالرَّدِّ فِي الْحُرِّ وَالْجُمْهُورُ بِعَدَمِهِ فِي الْعَبْدِ (وَيُرَدُّ مَنْ لَهُ عَشِيرَةٌ طَلَبَتْهُ إلَيْهَا لَا إلَى غَيْرِهَا) أَيْ لَا يُرَدُّ إلَى غَيْرِ عَشِيرَتِهِ الطَّالِبُ لَهُ (إلَّا أَنْ يَقْدِرَ الْمَطْلُوبُ عَلَى قَهْرِ الطَّالِبِ وَالْهَرَبِ مِنْهُ) فَيُرَدُّ إلَيْهِ (وَمَعْنَى الرَّدِّ أَنْ يُخَلِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ طَالِبِهِ) كَمَا فِي الْوَدِيعَةِ (وَلَا يُجْبَرُ) الْمَطْلُوبُ (عَلَى الرُّجُوعِ) إلَى طَالِبِهِ (وَلَا يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ) إلَيْهِ (وَلَهُ قَتْلُ الطَّالِبِ وَلَنَا التَّعْرِيضُ لَهُ بِهِ لَا التَّصْرِيحُ) بِهِ، رَوَى الْبُخَارِيُّ «أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَدَّ أَبَا جَنْدَلٍ عَلَى أَبِيهِ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو وَأَبَا بَصِيرٍ وَقَدْ جَاءَ فِي طَلَبِهِ رَجُلَانِ فَرَدَّهُ إلَيْهِمَا فَقَتَلَ أَحَدَهُمَا فِي الطَّرِيق وَأَفْلَتَ الْآخَرُ»، وَرَوَى أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ أَنَّ عُمَرَ قَالَ لِأَبِي جَنْدَلٍ حِين رُدَّ إلَى أَبِيهِ إنَّ دَمَ الْكَافِرِ عِنْدَ اللَّهِ كَدَمِ الْكَلْبِ يُعَرِّضُ لَهُ بِقَتْلِ أَبِيهِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ طَلَبٌ فَلَا رَدَّ. (وَلَوْ شَرَطَ) عَلَيْهِمْ فِي الْهُدْنَةِ (أَنْ يَرُدُّوا مَنْ جَاءَهُمْ مُرْتَدًّا مِنَّا لَزِمَهُمْ الْوَفَاءُ) بِذَلِكَ (فَإِنْ أَبَوْا فَقَدْ نَقَضُوا) الْعَهْدَ (وَالْأَظْهَرُ جَوَازُ شَرْطِ أَنْ لَا يَرُدُّوا) الْمُرْتَدَّ وَالثَّانِي الْمَنْعُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ اسْتِرْدَادِهِ لِإِقَامَةِ حُكْمِ الْمُرْتَدِّينَ عَلَيْهِ فَعَلَيْهِمْ التَّمْكِينُ مِنْهُ وَالتَّخْلِيَةُ دُونَ التَّسْلِيمِ.

. كتاب الصيد والذبائح:

جَمْعُ ذَبِيحَةٍ (ذَكَاةُ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُولِ) الْبَرِّيِّ الْمَطْلُوبَةُ شَرْعًا لِحِلِّ أَكْلِهِ تَحْصُلُ (بِذَبْحِهِ فِي حَلْقٍ) هُوَ أَعْلَى الْعُنُقِ (أَوْ لَبَّةٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ هِيَ أَسْفَلُهُ (إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ) وَسَيَأْتِي أَنَّ ذَكَاتَهُ بِقَطْعِ كُلِّ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ فَهُوَ مَعْنَى الذَّبْحِ وَذَالُهُمَا مُعْجَمَةٌ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ (فَبِعَقْرٍ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ (مُزْهِقٍ) لِلرُّوحِ (حَيْثُ) أَيْ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ (كَانَ) ذَكَاتُهُ.
(وَشَرْطُ ذَابِحٍ) وَعَاقِرٍ (وَصَائِدٍ) لِيَحِلَّ مَذْبُوحُهُ وَمَعْقُورُهُ وَمَصِيدُهُ (حِلُّ مُنَاكَحَتُهُ) بِأَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا أَوْ كِتَابِيًّا بِشَرْطِهِ الْمَذْكُورِ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ قَالَ تَعَالَى {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} (وَتَحِلُّ ذَكَاةُ أَمَةٍ كِتَابِيَّةٍ) وَإِنْ لَمْ تَحِلَّ مُنَاكَحَتُهَا وَالْفَرْقُ أَنَّ الرِّقَّ مَانِعٌ فِي النِّكَاحِ دُونَ الذَّبْحِ وَهَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ مَفْهُومِ الشَّرْطِ وَخَرَجَ بِهِ الْمَجُوسِيُّ وَغَيْرُهُ (وَلَوْ شَارَكَ مَجُوسِيٌّ مُسْلِمًا فِي ذَبْحٍ أَوْ اصْطِيَادٍ) قَاتِلٍ كَأَنْ أَمَرَّا سِكِّينًا عَلَى حَلْقِ شَاةٍ أَوْ قَتَلَا صَيْدًا بِسَهْمٍ أَوْ كَلْبٍ (حَرُمَ) الْمَذْبُوحُ وَالْمُصْطَادُ تَغْلِيبًا لِلْحَرَامِ.
(وَلَوْ أَرْسَلَا كَلْبَيْنِ أَوْ سَهْمَيْنِ فَإِنْ سَبَقَ آلَةُ الْمُسْلِمِ فَقَتَلَ) الصَّيْدَ (أَوْ أَنْهَاهُ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ حَلَّ وَلَوْ انْعَكَسَ) مَا ذُكِرَ (أَوْ جَرَحَاهُ مَعًا أَوْ جَهِلَ) ذَلِكَ (أَوْ مُرَتَّبًا وَلَمْ يَقْذِفْ أَحَدُهُمَا) بِإِعْجَامٍ وَإِهْمَالٍ أَيْ لَمْ يَقْتُلْ سَرِيعًا فَهَلَكَ بِهِمَا (حَرُمَ) تَغْلِيبًا لِلْحَرَامِ وَمَسْأَلَةُ الْجَهْلِ مَزِيدَةٌ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا بَدَلُهَا وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَيَّهمَا قَتَلَهُ فَحَرَامٌ (وَيَحِلُّ ذَبْحُ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ وَكَذَا غَيْرُ مُمَيِّزٍ مَجْنُونٌ وَسَكْرَانٍ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ لَهُمْ قَصْدًا وَإِرَادَةً فِي الْجُمْلَةِ وَالثَّانِي لَا يَحِلُّ لِفَسَادِ قَصْدِهِمْ (وَتُكْرَهُ ذَكَاةُ أَعْمَى) لِأَنَّهُ قَدْ يُخْطِئُ الْمَذْبَحَ (وَيَحْرُمُ صَيْدُهُ بِرَمْيٍ وَكَلْبٍ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ قَصْدٌ صَحِيحٌ وَالثَّانِي يَحِلُّ كَذَبْحِهِ أَطْلَقَهُ جَمَاعَةٌ وَقَيَّدَهُ الْبَغَوِيُّ بِمَا إذَا أَخْبَرَهُ بَصِيرٌ فَأَرْسَلَ السَّهْمَ أَوْ الْكَلْبَ وَهُوَ أَشْبَهُ وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي صَيْدِ الصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَالْمَجْنُونِ بِالْكَلْبِ وَالسَّهْمِ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَالْمَذْهَبُ هُنَا الْحِلُّ قَالَ: وَصَيْدُ الْمُمَيِّزِ بِهِمَا كَذَبْحِهِ (وَتَحِلُّ مَيْتَةُ السَّمَكِ وَالْجَرَادِ) إجْمَاعًا (وَلَوْ صَادَهُمَا مَجُوسِيٌّ) فَتَحِلُّ وَلَا اعْتِبَارَ بِفِعْلِهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَلَوْ ذَبَحَ سَمَكَةً حَلَّتْ (وَكَذَا الدُّودُ الْمُتَوَلِّدُ مِنْ طَعَامٍ كَخَلٍّ وَفَاكِهَةٍ إذَا أَكَلَ مَعَهُ) مَيْتًا يَحِلُّ (فِي الْأَصَحِّ) لِعُسْرِ تَمْيِيزِهِ بِخِلَافِ أَكْلِهِ مُنْفَرِدًا فَيَحْرُمُ وَالثَّانِي يَحِلُّ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهُ طَبْعًا وَطَعْمًا، وَالثَّالِثُ يَحْرُمُ مُطْلَقًا لِاسْتِقْذَارِهِ وَإِنْ قِيلَ بِطَهَارَتِهِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قَالَ فِي الدَّقَائِقِ أَشَارَ إلَيْهَا الْمُحَرَّرُ بِقَوْلِهِ مَا حَلَّتْ مَيْتَتُهُ كَالسَّمَكِ وَالْجَرَادِ (وَلَا يَقْطَعُ) الشَّخْصُ (بَعْضَ سَمَكَةٍ) حَيَّةٍ (فَإِنْ فَعَلَ) ذَلِكَ (أَوْ بَلِعَ) بِكَسْرِ اللَّامِ (سَمَكَةً حَيَّةً حَلَّ) مَا ذُكِرَ (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي لَا يَحِلُّ الْمَقْطُوعُ كَمَا فِي غَيْرِ السَّمَكِ وَلَا الْبُلُوغُ لِمَا فِي جَوْفِهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَطَرَدُوا الْوَجْهَيْنِ فِي الْجَرَادِ. (وَإِذَا رَمَى صَيْدًا مُتَوَحِّشًا أَوْ بَعِيرًا نَدَّ أَوْ شَاةً شَرَدَتْ بِسَهْمٍ أَوْ أَرْسَلَ عَلَيْهِ جَارِحَةً فَأَصَابَ شَيْئًا مِنْ بَدَنِهِ وَمَاتَ فِي الْحَالِ حَلَّ) لِلْإِجْمَاعِ فِي الْأَوَّلِ بِالسَّهْمِ وَالْجَارِحَةِ وَلِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ فِي الْبَعِيرِ بِالسَّهْمِ وَقِيسَ بِهِ الشَّاةُ وَعَلَى السَّهْمِ الْجَارِحَةُ وَفِي الْكَلْبِ مِنْهَا حَدِيثُ أَبِي دَاوُد فِي الصَّيْدِ الصَّادِقِ بِالْمُتَوَحِّشِ وَنَدَّ وَشَرَدَ بِمَعْنَى نَفَرَ كَالْمُتَوَحِّشِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: كَأَصْلِهِ الْمَزِيدِ عَلَى الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَمَاتَ فِي الْحَالِ عَمَّا إذَا أَدْرَكَهُ، وَفِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ وَأَمْكَنَهُ ذَبْحُهُ وَلَمْ يُذْبَحْ وَمَاتَ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ كَمَا سَيَأْتِي.
(وَلَوْ تَرَدَّى بَعِيرٌ وَنَحْوُهُ فِي بِئْرٍ وَلَمْ يُمْكِنْ قَطْعُ حُلْقُومِهِ فَكَنَادٍّ) فِي حِلِّهِ بِالرَّمْيِ وَكَذَا بِإِرْسَالِ الْكَلْبِ فِي وَجْهٍ اخْتَارَهُ الْبَصْرِيُّونَ، (قُلْت: الْأَصَحُّ لَا يَحِلُّ بِإِرْسَالِ الْكَلْبِ وَصَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ وَالشَّاشِيُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ)، وَفَرَّقَ الرُّويَانِيُّ بِأَنَّ الْحَدِيدَ يُسْتَبَاحُ بِهِ الذَّبْحُ مَعَ الْقُدْرَةِ وَعَقْرُ الْكَلْبِ بِخِلَافِهِ، (وَمَتَى تَيَسَّرَ لُحُوقُهُ) أَيْ النَّادِّ (بِعَدْوٍ أَوْ اسْتِعَانَةٍ) بِنُونٍ وَمُهْمَلَةٍ، (بِمَنْ يَسْتَقْبِلُهُ فَمَقْدُورٌ عَلَيْهِ) فَلَا يَحِلُّ إلَّا بِالذَّبْحِ فِي الْمَذْبَحِ. (وَيَكْفِي فِي النَّادِّ وَالْمُتَرَدِّي جُرْحٌ يُفْضِي إلَى الزَّهُوقِ وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ مُذَفِّفٌ) أَيْ مُسْرِعٌ لِلْقَتْلِ لِيَتَنَزَّلَ مَنْزِلَةَ قَطْعِ الْحُلْقُومِ فِي الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ. (وَإِذَا أَرْسَلَ سَهْمًا أَوْ كَلْبًا أَوْ طَائِرًا عَلَى صَيْدٍ فَأَصَابَهُ وَمَاتَ، فَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ فِيهِ حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً أَوْ أَدْرَكَهَا وَتَعَذَّرَ ذَبْحُهُ بِلَا تَقْصِيرٍ بِأَنْ سَلَّ السِّكِّينَ فَمَاتَ قَبْلَ إمْكَانٍ) لِذَبْحِهِ (أَوْ امْتَنَعَ) مِنْهُ، (بِقُوَّتِهِ وَمَاتَ قَبْلَ الْقُدْرَةِ) عَلَيْهِ (حَلَّ) فِيمَا ذُكِرَ، (وَإِنْ مَاتَ لِتَقْصِيرِهِ بِأَنْ لَا يَكُونَ مَعَهُ سِكِّينٌ أَوْ غُصِبَتْ) مِنْهُ (أَوْ نَشِبَتْ) بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ (فِي الْغِمْدِ) بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ الْخِلَافُ أَيْ عَلِقَتْ فِيهِ فَعَسُرَ إخْرَاجُهَا وَفِيهَا التَّذْكِيرُ أَيْضًا، وَسَيَأْتِي (حَرُمَ) فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ (وَلَوْ رَمَاهُ فَقَدَّهُ نِصْفَيْنِ حَلَّا) تَسَاوَيَا أَوْ تَفَاوَتَا (وَلَوْ أَبَانَ مِنْهُ عُضْوًا) كَيَدٍ أَوْ رِجْلٍ (بِجُرْحٍ مُذَفِّفٍ) أَيْ مُسْرِعٍ لِلْقَتْلِ فَمَاتَ فِي الْحَالِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا (حَلَّ الْعُضْوُ وَالْبَدَنُ)، أَيْ بَاقِيهِ (أَوْ بِغَيْرِ مُذَفِّفٍ ثُمَّ ذَبَحَهُ أَوْ جَرَحَهُ جُرْحًا آخَرَ مُذَفِّفًا) فَمَاتَ (حَرُمَ الْعُضْوُ) لِأَنَّهُ أَبْيَنُ مِنْ حَيٍّ (وَحَلَّ الْبَاقِي) وَحِلُّهُ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ. فِيمَا إذَا لَمْ يُثْبِتْهُ بِالْجُرْحِ الْأَوَّلِ فَإِنْ أَثْبَتَهُ بِهِ تَعَيَّنَ ذَبْحُهُ وَلَا يُجْزِئُ الْجُرْحُ لِأَنَّهُ مَقْدُورٌ عَلَيْهِ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا. (فَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ ذَبْحِهِ وَمَاتَ بِالْجُرْحِ حَلَّ الْجَمِيعُ) كَمَا لَوْ كَانَ مُذَفِّفًا (وَقِيلَ: يَحْرُمُ الْعُضْوُ) لِأَنَّهُ أَبْيَنُ مِنْ حَيٍّ وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا (وَذَكَاةُ كُلِّ حَيَوَانٍ) بَرِّيٍّ (قَدَرَ عَلَيْهِ بِقَطْعِ كُلِّ الْحُلْقُومِ) بِضَمِّ الْحَاءِ (وَهُوَ مَخْرَجُ النَّفَسِ) وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا مَجْرَاهُ خُرُوجًا وَدُخُولًا، (وَ) كُلُّ (الْمَرِيءِ وَهُوَ مَجْرَى الطَّعَامِ) وَالشَّرَابِ وَهُوَ تَحْتَ الْحُلْقُومِ (وَيُسْتَحَبُّ قَطْعُ الْوَدَجَيْنِ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالدَّالِ، (وَهُمَا عِرْقَانِ فِي صَفْحَتَيْ الْعُنُقِ) يُحِيطَانِ بِالْحُلْقُومِ، وَقِيلَ بِالْمَرِيءِ. وَأَشَارَ بِكُلٍّ إلَى أَنَّهُ يَضُرُّ بَقَاءُ يَسِيرٍ مِنْ أَحَدِهِمَا فِي الْحِلِّ..
(وَلَوْ ذَبَحَهُ مِنْ قَفَاهُ عَصَى فَإِنْ أَسْرَعَ) فِي ذَلِكَ (فَقَطَعَ الْحُلْقُومَ وَالْمَرِيءَ وَبِهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ حَلَّ وَإِلَّا فَلَا) يَحِلُّ (وَكَذَا إدْخَالُ سِكِّينٍ بِأُذُنِ ثَعْلَبٍ) لِيَذْبَحَهُ إنْ أَسْرَعَ فَقَطَعَ الْحُلْقُومَ وَالْمَرِيءَ دَاخِلَ الْجِلْدِ، وَبِهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ حَلَّ وَإِلَّا فَلَا يَحِلُّ (وَيُسَنُّ نَحْرُ إبِلٍ) فِي اللَّبَّةِ (وَذَبْحُ بَقَرٍ وَغَنَمٍ) فِي الْحَلْقِ لِلِاتِّبَاعِ فِي أَحَادِيثِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا. (وَيَجُوزُ عَكْسُهُ) أَيْ ذَبْحُ إبِلٍ وَنَحْرُ بَقَرٍ وَغَنَمٍ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهِ نَهْيٌ، (وَأَنْ يَكُونَ الْبَعِيرُ قَائِمًا مَعْقُولٌ رَقَبَتُهُ) رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سُنَّةُ أَبِي الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ يُسْتَحَبُّ أَنْ تَكُونَ الْمَعْقُولَةُ الْيُسْرَى وَقَدْ ذُكِرَتْ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد عَنْ جَابِرٍ «فَإِنْ لَمْ يُنْحَرْ قَائِمًا فَبَارِكًا». (وَالْبَقَرَةُ وَالشَّاةُ مُضْجَعَةً لِجَنْبِهَا الْأَيْسَرِ) الَّذِي عَلَيْهِ عَمَلُ الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ عَلَى الذَّابِحِ فِي أَخْذِهِ السِّكِّينَ بِالْيَمِينِ، وَإِمْسَاكِهِ الرَّأْسَ بِالْيَسَارِ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ. (وَتُتْرَكُ رِجْلُهَا الْيُمْنَى) بِلَا شَدٍّ لِتَسْتَرِيحَ بِتَحْرِيكِهَا (وَتُشَدُّ بَاقِي الْقَوَائِمِ) لِئَلَّا تَضْطَرِبَ حَالَةَ الذَّبْحِ فَيَزِلُّ الذَّابِحُ (وَأَنْ يُحِدَّ شَفْرَتَهُ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الشِّينِ لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ «وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ»، وَهِيَ السِّكِّينُ الْعَظِيمَةُ (وَيُوَجِّهُ لِلْقِبْلَةِ ذَبِيحَتَهُ) بِأَنْ يُوَجِّهَ مَذْبَحَهَا وَقِيلَ جَمِيعَهَا وَيَتَوَجَّهُ هُوَ لَهَا أَيْضًا. (وَأَنْ يَقُولَ) عِنْدَ الذَّبْحِ (بِاسْمِ اللَّهِ وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يَقُلْ بِاسْمِ اللَّهِ وَاسْمِ مُحَمَّدٍ)، أَيْ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِإِيهَامِهِ التَّشْرِيكَ وَدَلِيلُ الْإِضْجَاعِ وَالتَّوْجِيهِ وَالتَّسْمِيَةِ الْإِتْبَاعُ فِي أَحَادِيثِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا، فِي الْأُضْحِيَّةِ بِالضَّأْنِ وَإِلْحَاقِ غَيْرِ ذَلِكَ بِهِ وَيُفْهَمُ مِنْ تَوْجِيهِ الذَّبِيحَةِ لِلْقِبْلَةِ تَوَجُّهُ الذَّابِحِ لَهَا وَسَنُّ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ فِي حَالَةِ الذَّبْحِ كَغَيْرِهَا، نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ.

. فَصْلٌ:

يَحِلُّ ذَبْحُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ وَجُرْحُ غَيْرِهِ بِكُلِّ مُحَدَّدٍ بِفَتْحِ الدَّالِ الْمُشَدَّدَةِ أَيُّ شَيْءٍ لَهُ حَدٌّ (يُجْرَحُ كَحَدِيدٍ) أَيْ كَمُحَدَّدِ حَدِيدٍ (وَنُحَاسٍ وَذَهَبٍ وَخَشَبٍ وَقَصَبٍ وَحَجَرٍ وَزُجَاجٍ) وَفِضَّةٍ وَرَصَاصٍ، (إلَّا ظُفُرًا وَسِنًّا وَسَائِرِ الْعِظَامِ) لِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ «مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلُوهُ لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ» وَأَلْحَقَ بِهِمَا بَاقِي الْعِظَامِ وَمَعْلُومٌ مِمَّا سَيَأْتِي أَنَّ مَا قَتَلَهُ الْكَلْبُ بِظُفُرِهِ أَوْ نَابَهُ حَلَالٌ فَلَا حَاجَةَ إلَى اسْتِثْنَائِهِ، (فَلَوْ قَتَلَ بِمُثْقَلِ أَوْ ثَقْلٍ مُحَدَّدٍ كَبُنْدُقَةٍ وَسَوْطٍ وَسَهْمٍ بِلَا نَصْلٍ وَلَا حَدٍّ)، هَذِهِ أَمْثِلَةٌ لِلْأَوَّلِ وَالسَّهْمُ بِنَصْلٍ أَوْ حَدٍّ قَتَلَ بِثَقْلِهِ مِنْ أَمْثِلَةِ الثَّانِي، (أَوْ) قَتَلَ (بِسَهْمٍ وَبُنْدُقَةٍ أَوْ جَرَحَهُ نَصْلٌ وَأَثَّرَ فِيهِ عَرْضُ السَّهْمِ فِي مُرُورِهِ وَمَاتَ بِهِمَا)، أَيْ بِالْجُرْحِ وَالتَّأْثِيرِ (أَوْ انْخَنَقَ بِأُحْبُولَةٍ) وَهِيَ مَا يُعْمَلُ مِنْ الْحِبَالِ لِلِاصْطِيَادِ وَمَاتَ (أَوْ أَصَابَهُ سَهْمٌ فَوَقَعَ بِأَرْضٍ) عَالِيَةٍ (أَوْ جَبَلٍ ثُمَّ سَقَطَ مِنْهُ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَمَاتَ (حَرُمَ) فِي الْمَسَائِلِ كُلِّهَا، (وَلَوْ أَصَابَهُ سَهْمٌ بِالْهَوَاءِ فَسَقَطَ بِأَرْضٍ وَمَاتَ حُمِلَ) وَفِي السَّقُوطَيْنِ لَا يَدْرِي الْمَوْتَ بِالْأَوَّلِ أَوْ بِالثَّانِي. وَكَذَا فِي مَسْأَلَتَيْ سَهْمٍ وَبُنْدُقَةٍ وَجُرْحٍ وَتَأْثِيرٍ فَغَلَبَ الثَّانِي الْمُحَرَّمَ فِي الثَّلَاثِ، وَحُرْمَةُ الْمُنْخَنِقِ وَالْمَقْتُولِ بِالْمُثْقَلِ أَوْ ثَقْلِ الْمُحَدَّدِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ} أَيْ الْمَقْتُولَةُ وَلَوْ كَانَتْ إصَابَةُ السَّهْمِ فِي الْهَوَاءِ بِغَيْرِ جُرْحٍ كَكَسْرِ جَنَاحِهِ حَرُمَ وَالْمُثَقَّلُ بِفَتْحِ الْقَافِ الْمُشَدَّدَةِ الثَّقِيلُ (وَيَحِلُّ الِاصْطِيَادُ بِجَوَارِحِ السِّبَاعِ وَالطَّيْرِ كَكَلْبٍ وَفَهْدٍ وَبَازٍ وَشَاهِينَ) وَالْمُرَادُ يَحِلُّ الْمُصْطَادُ بِهَا الْمُدْرَك مَيِّتًا، أَوْ فِي حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَالْمُحَرَّرِ قَالَ تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنْ الْجَوَارِحِ}. أَيْ صَيْدِهِ (بِشَرْطِ كَوْنِهَا مُعَلَّمَةً بِأَنْ تَنْزَجِرَ جَارِحَةُ السِّبَاعِ بِزَجْرِ صَاحِبِهِ) فِي ابْتِدَاءِ الْأَمْرِ بَعْدَ شِدَّةِ عَدْوِهِ، (وَيَسْتَرْسِلُ بِإِرْسَالِهِ) أَيْ يَهِيجُ بِإِغْرَائِهِ (وَيَمْسِكُ الصَّيْدَ) لِيَأْخُذَهُ الصَّائِدُ (وَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ) وَفِيمَا ذُكِرَ تَذْكِيرًا لِجَارِحَةٍ وَسَيَأْتِي تَأْنِيثُهَا نَظَرًا إلَى الْمَعْنَى تَارَةً وَإِلَى اللَّفْظِ أُخْرَى، (وَيُشْتَرَطُ تَرْكُ الْأَكْلِ فِي جَارِحَةِ الطَّيْرِ فِي الْأَظْهَرِ) كَجَارِحَةِ السِّبَاعِ وَالثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ لِأَنَّهَا لَا تَحْتَمِلُ الضَّرْبَ لِتَعْلَمَ تَرْكَ الْأَكْلِ بِخِلَافِ الْكَلْبِ وَنَحْوِهِ، وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَيُشْتَرَطُ فِيهَا أَنْ تَهِيجَ عِنْدَ الْإِغْرَاءِ. قَالَ الْإِمَامُ: وَلَا مَطْمَعَ فِي انْزِجَارِهَا بَعْدَ الطَّيَرَانِ وَيَبْعُدُ اشْتِرَاطُ انْكِفَافِهَا فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ انْتَهَى.
(وَيُشْتَرَطُ تَكَرُّرُ هَذِهِ الْأُمُورِ بِحَيْثُ يُظَنُّ تَأَدُّبُ الْجَارِحَةِ)، وَالرُّجُوعُ فِي ذَلِكَ إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِالْجَوَارِحِ وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ تَكَرُّرُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.
(وَلَوْ ظَهَرَ كَوْنُهُ مُعَلَّمًا ثُمَّ أَكَلَ مِنْ لَحْمِ صَيْدٍ لَمْ يَحِلَّ ذَلِكَ الصَّيْدُ فِي الْأَظْهَرِ فَيُشْتَرَطُ تَعْلِيمٌ جَدِيدٌ) وَالثَّانِي: يَحِلُّ وَأَكْلُهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِشِدَّةِ جُوعٍ أَوْ لِغَيْظٍ عَلَى الصَّيْدِ، إذَا أَتْعَبَهُ وَلَوْ تَكَرَّرَ أَكْلُهُ حَرُمَ الْمَأْكُولُ مِنْهُ آخِرًا وَفِيمَا قَبْلَهُ وَجْهَانِ قَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ: الْأَقْوَى التَّحْرِيمُ، (وَلَا أَثَرَ لِلَعْقِ الدَّمِ) فِي كَوْنِهِ مُعَلَّمًا لِأَنَّهُ لَمْ يَتَنَاوَلْ مَا هُوَ مَقْصُودُ الصَّائِدِ. (وَمَعَضُّ الْكَلْبِ مِنْ الصَّيْدِ نَجِسٌ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُعْفَى عَنْهُ) وَالثَّانِي يُعْفَى عَنْهُ لِلْحَاجَةِ، (وَ) الْأَصَحُّ عَلَى الْأَوَّلِ (أَنَّهُ يَكْفِي غَسْلُهُ بِمَاءٍ وَتُرَابٍ) أَيْ سَبْعًا إحْدَاهَا بِتُرَابٍ، (وَلَا يَجِبُ أَنْ يُقَوَّرَ وَيُطْرَحَ)، وَالثَّانِي يَجِبُ ذَلِكَ وَلَا يَكْفِي الْغَسْلُ لِأَنَّهُ تَشَرَّبَ لُعَابُهُ فَلَا يَتَخَلَّلُهُ الْمَاءُ (وَلَوْ تَحَامَلَتْ الْجَارِحَةُ عَلَى صَيْدٍ فَقَتَلَتْهُ بِثِقَلِهَا حَلَّ فِي الْأَظْهَرِ) كَمَا لَوْ قَتَلَتْهُ بِجُرْحِهَا، وَالثَّانِي يَحْرُمُ كَالْقَتْلِ بِثِقَلِ السَّيْفِ وَالسَّهْمِ (وَلَوْ كَانَ بِيَدِهِ سِكِّينٌ فَسَقَطَ وَانْجَرَحَ بِهِ صَيْدٌ) وَمَاتَ، (أَوْ احْتَكَّتْ بِهِ شَاةٌ وَهُوَ فِي يَدِهِ فَانْقَطَعَ حُلْقُومُهَا وَمَرِيئُهَا أَوْ اُسْتُرْسِلَ كَلْبٌ بِمَسِّهِ فَقُتِلَ لَمْ يَحِلَّ)، وَاحِدٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ لِانْتِفَاءِ الذَّبْحِ وَقَصْدِهِ وَالْإِرْسَالِ. (وَكَذَا لَوْ اُسْتُرْسِلَ كَلْبٌ فَأَغْرَاهُ صَاحِبُهُ فَزَادَ عَدْوُهُ) لَمْ يَحِلَّ الصَّيْدُ (فِي الْأَصَحِّ)، وَالثَّانِي يَنْظُرُ إلَى الْإِغْرَاءِ الْمَزِيدِ بِهِ الْعَدْوُ وَيُجَابُ بِتَغَيُّبِ الْمُحَرَّمِ (وَلَوْ أَصَابَهُ) أَيْ الصَّيْدَ (سَهْمٌ بِإِعَانَةِ رِيحٍ حَلَّ) إذْ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْ هُبُوبِهَا (وَلَوْ أَرْسَلَ سَهْمًا لِاخْتِبَارِ قُوَّتِهِ أَوْ إلَى غَرَضٍ فَاعْتَرَضَ صَيْدًا فَقَتَلَهُ) السَّهْمُ (حَرُمَ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الصَّيْدَ، وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى قَصْدِ الْفِعْلِ دُونَ مَوْرِدِهِ (وَلَوْ رَمَى صَيْدًا ظَنَّهُ حَجَرًا)، حَلَّ وَلَا اعْتِبَارَ بِظَنِّهِ (أَوْ سِرْبَ ظِبَاءٍ فَأَصَابَ وَاحِدَةً حَلَّتْ وَلَوْ قَصَدَ وَاحِدَةً فَأَصَابَ غَيْرَهَا حَلَّتْ فِي الْأَصَحِّ)، لِوُجُودِ قَصْدِ الصَّيْدِ الثَّانِي يَنْظُرُ إلَى أَنَّهَا غَيْرَ الْمَقْصُودَةِ. (وَلَوْ غَابَ عَنْهُ الْكَلْبُ وَالصَّيْدُ ثُمَّ وَجَدَهُ مَيِّتًا حَرُمَ)، لِاحْتِمَالِ أَنَّ مَوْتَهُ بِسَبَبٍ آخَرَ (وَإِنْ جَرَحَهُ وَغَابَ ثُمَّ وَجَدَهُ مَيِّتًا حَرُمَ فِي الْأَظْهَرِ) لِمَا ذُكِرَ وَالثَّانِي يَحِلُّ حَمْلًا عَلَى أَنَّ مَوْتَهُ بِالْجُرْحِ وَصَحَّحَهُ الْبَغَوِيُّ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَالْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَهُوَ الصَّحِيحُ.

. فَصْلٌ:

(يُمْلَكُ الصَّيْدُ بِضَبْطِهِ بِيَدِهِ) وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ تَمَلُّكَهُ (وَبِجُرْحٍ مُذَفِّفٍ) أَيْ مُسْرِعٍ لِلْهَلَاكِ (وَبِإِزْمَانٍ)، بِرَمْيٍ (وَكَسْرِ جَنَاحٍ) وَيَكْفِي فِيهِ إبْطَالُ شِدَّةِ الْعَدْوِ وَصَيْرُورَتُهُ بِحَيْثُ يَسْهُلُ لُحُوقُهُ، (وَبِوُقُوعِهِ فِي شَبْكَةٍ نَصَبَهَا) فَهُوَ لَهُ وَإِنْ طَرَدَهُ طَارِدٌ فَوَقَعَ فِيهَا، (وَبِإِلْجَائِهِ إلَى مَضِيقٍ لَا يُفْلِتُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ اللَّامِ أَيْ يَنْقَلِبُ (مِنْهُ)، بِأَنْ يُدْخِلَهُ بَيْتًا وَنَحْوَهُ. (وَلَوْ وَقَعَ صَيْدٌ فِي مِلْكِهِ) كَمَزْرَعَةٍ (وَصَارَ مَقْدُورًا عَلَيْهِ بِتَوَحُّلٍ وَغَيْرِهِ لَمْ يَمْلِكْهُ فِي الْأَصَحِّ)، وَالثَّانِي يَمْلِكُهُ كَوُقُوعِهِ فِي شَبَكَتِهِ وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ سَقْيَ الْأَرْضِ النَّاشِئَ عَنْهُ التَّوَحُّلُ لَمْ يُقْصَدْ بِهِ الِاصْطِيَادُ فَإِنْ قُصِدَ بِهِ فَهُوَ كَنَصْبِ الشَّبَكَةِ قَالَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَحَكَاهُ فِي الْكَبِيرِ عَنْ الْإِمَامِ، (وَمَتَى مَلَكَهُ لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ بِانْفِلَاتِهِ) وَمَنْ أَخَذَهُ لَزِمَهُ رَدُّهُ إلَيْهِ، (وَكَذَا) لَا يَزُولُ (بِإِرْسَالِ الْمَالِكِ لَهُ فِي الْأَصَحِّ) كَمَا لَوْ سَيَّبَ دَابَّتَهُ فَلَيْسَ لِغَيْرِهِ أَنْ يُصِيبَهُ إذَا عَرَفَهُ، وَالثَّانِي يَزُولُ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ لَكِنْ مَنْ صَادَهُ مَلَكَهُ، وَالثَّالِثُ إنْ قَصَدَ بِإِرْسَالِهِ التَّقَرُّبَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى زَالَ مِلْكُهُ، وَإِلَّا فَلَا وَعَلَى التَّقَرُّبِ قِيلَ: لَا يَحِلُّ صَيْدُهُ كَالْعَبْدِ الْمُعْتَقِ وَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ، حِلُّهُ لِئَلَّا يَصِيرَ فِي مَعْنَى سَوَائِبِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَجُوزُ إرْسَالُهُ لِهَذَا الْمَعْنَى وَلَوْ قَالَ عِنْدَ إرْسَالِهِ: أَبَحْتُهُ مَنْ يَأْخُذُهُ حَلَّ لِآخِذِهِ أَكْلُهُ وَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ. (وَلَوْ تَحَوَّلَ حَمَامُهُ) مِنْ بُرْجِهِ (إلَى بُرْجِ غَيْرِهِ) الْمُشْتَمِلِ عَلَى حَمَامِهِ (لَزِمَهُ رَدُّهُ) إنْ تَمَيَّزَ عَنْ حَمَامِهِ وَإِنْ حَصَلَ بَيْنَهُمَا بَيْضٌ أَوْ فَرْخٌ فَهُوَ تَبَعٌ لِلْأُنْثَى فَيَكُونُ لِمَالِكِهَا، (فَإِنْ اخْتَلَطَا وَعَسُرَ التَّمْيِيزُ لَمْ يَصِحَّ بَيْعُ أَحَدِهِمَا وَهِبَتُهُ شَيْئًا مِنْهُ لِثَالِثٍ) لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ الْمِلْكُ فِيهِ (وَيَجُوزُ) بَيْعُ أَحَدِهِمَا، وَهِبَتُهُ مَا لَهُ مِنْهُ (لِصَاحِبِهِ فِي الْأَصَحِّ) وَيُغْتَفَرُ الْجَهْلُ بِعَيْنِ الْمَبِيعِ لِلضَّرُورَةِ وَالثَّانِي مَا يَغْتَفِرُهُ (فَإِنْ بَاعَهُمَا) أَيْ الْحَمَامَيْنِ لِثَالِثٍ (وَالْعَدَدُ مَعْلُومٌ وَالْقِيمَةُ سَوَاءٌ صَحَّ)، الْبَيْعُ وَوُزِّعَ الثَّمَنُ عَلَى الْعَدَدِ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مِائَةً وَالْآخَرُ مِائَتَيْنِ كَانَ الثَّمَنُ أَثْلَاثًا، (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ جُهِلَ الْعَدَدُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَيْ وَلَمْ تَسْتَوِ الْقِيمَةُ أَوْ اسْتَوَتْ، (فَلَا) يَصِحُّ الْبَيْعُ لِلْجَهْلِ بِحِصَّةِ كُلِّ بَائِعٍ مِنْ الثَّمَنِ.
(وَلَوْ جَرَحَ الصَّيْدَ اثْنَانِ مُتَعَاقِبَانِ فَإِنْ ذَفَّفَ الثَّانِي) أَيْ قَتَلَ (أَوْ أَزْمَنَ دُونَ الْأَوَّلِ فَهُوَ لِلثَّانِي) وَلَا شَيْءَ عَلَى الْأَوَّلِ بِجُرْحِهِ لِأَنَّهُ كَانَ مُبَاحًا حِينَئِذٍ (وَإِنْ ذَفَّفَ الْأَوَّلُ فَلَهُ) الصَّيْدُ وَعَلَى الثَّانِي أَرْشُ مَا نَقَصَ مِنْ لَحْمِهِ وَجِلْدِهِ إنْ كَانَ لِأَنَّهُ جَنَى عَلَى مِلْكِ الْغَيْرِ، (وَإِنْ أَزْمَنَ) الْأَوَّلُ (فَلَهُ) الصَّيْدُ (ثُمَّ إنْ ذَفَّفَ الثَّانِي بِقَطْعِ حُلْقُومٍ وَمَرِيءٍ فَهُوَ حَلَالٌ وَعَلَيْهِ لِلْأَوَّلِ مَا نَقَصَ بِالذَّبْحِ) عَنْ قِيمَتِهِ مُزْمِنًا (وَإِنْ ذَفَّفَ وَمَاتَ بِالْجُرْحَيْنِ فَحَرَامٌ) لِاجْتِمَاعِ الْمُبِيحِ وَالْمُحَرَّمِ الْمُغَلَّبِ، (وَيَضْمَنُهُ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ) فِي التَّذْفِيفِ بِقِيمَتِهِ مُزْمِنًا وَفِي الْجُرْحِ بِنِصْفِهَا وَقِيلَ بِكُلِّهَا (وَإِنْ جُرِحَا مَعًا وَذُفِّفَا) بِجُرْحَيْهِمَا (أَوْ أُزْمِنَا) بِهِ (فَلَهُمَا) الصَّيْدُ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي سَبَبِ الْمِلْكِ، (وَإِنْ ذَفَّفَ أَحَدُهُمَا أَوْ أَزْمَنَ) فِي جُرْحِهِمَا مَعًا (دُونَ الْآخَرِ فَلَهُ) أَيْ لِلْمُذَفِّفِ أَوْ الْمُزْمِنِ الصَّيْدُ لِانْفِرَادِهِ بِسَبَبِ الْمِلْكِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْآخَرِ بِجُرْحِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْرَحْ مِلْكَ الْغَيْرِ وَمَعْلُومٌ حِلُّ الْمُذَفِّفِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَالتَّذْفِيفُ فِي الْمَذْبَحِ أَوْ فِي غَيْرِهِ. (وَإِنْ ذَفَّفَ وَاحِدٌ) فِي غَيْرِ الْمَذْبَحِ (وَأَزْمَنَ آخَرُ) مُرَتَّبًا (وَجَهِلَ السَّابِقُ) مِنْهُمَا (حَرُمَ) الصَّيْدُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِاحْتِمَالِ تَقَدُّمِ الْأَزْمَانِ فَلَا يَحِلُّ بَعْدَهُ إلَّا بِقَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ وَلَمْ يُوجَدْ فِي قَوْلٍ مِنْ طَرِيقٍ ثَانٍ لَا يَحْرُمُ لِاحْتِمَالِ تَأَخُّرِ الْإِزْمَانِ وَرُجْحَانِ الْأَوَّلِ لِلِاحْتِيَاطِ فِي حِلِّ الصَّيْدِ وَمَعْلُومٌ حِلُّهُ إذَا كَانَ التَّذْفِيفُ فِي الْمَذْبَحِ.

. كتاب الأضحية:

بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ اسْمٌ لِمَا يُضَحَّى بِهِ كَالضَّحِيَّةِ (هِيَ) أَيْ التَّضْحِيَةُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ (سُنَّةٌ) فِي حَقِّنَا مُؤَكَّدَةٌ (لَا تُجَابُ إلَّا بِالْتِزَامٍ) بِالنَّذْرِ. (وَيُسَنُّ لِمُرِيدِهَا أَنْ لَا يُزِيلَ شَعْرَهُ وَلَا ظُفُرَهُ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ حَتَّى يُضَحِّيَ وَأَنْ يَذْبَحَهَا) أَيْ الْأُضْحِيَّةَ (بِنَفْسِهِ وَإِلَّا فَيَشْهَدَهَا). رَوَى الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا، أَحَادِيثَ تَضْحِيَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَفْسِهِ، وَمُسْلِمٌ حَدِيثَ «إذَا رَأَيْتُمْ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ»، وَفِي رِوَايَةٍ «فَلَا يَأْخُذَنَّ مِنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ شَيْئًا حَتَّى يُضَحِّيَ» وَالْحَاكِمُ حَدِيثَ «أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِفَاطِمَةَ: قُومِي إلَى أُضْحِيَّتِك فَاشْهَدِيهَا، فَإِنَّهُ بِأَوَّلِ قَطْرَةٍ مِنْ دَمِهَا يُغْفَرُ لَك مَا سَلَفَ مِنْ ذُنُوبِك»، وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَقَوْلُهُمْ سُنَّةٌ أَرَادُوا سُنَّةَ كِفَايَةٍ، وَسُنَّةَ عَيْنٍ لِمَا سَيَأْتِي عَنْهُمْ (وَلَا تَصِحُّ) الْأُضْحِيَّةُ مِنْ حَيْثُ التَّضْحِيَةِ بِهَا (إلَّا مِنْ إبِلٍ وَبَقَرٍ وَغَنَمٍ) اقْتِصَارًا عَلَى الْوَارِدِ فِيهَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ (وَشَرْطُ إبِلٍ أَنْ يَطْعَنَ فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ وَبَقَرٍ وَمَعْزٍ فِي الثَّالِثَةِ وَضَأْنٍ فِي الثَّانِيَةِ وَيَجُوزُ ذَكَرٌ وَأُنْثَى وَخَصِيٌّ)، وَالطَّاعِنُ فِي الثَّانِيَةِ هُوَ الْجَذَعُ وَالْجَذَعَةُ، وَفِيمَا قَبْلَهُ الثَّنِيُّ وَالثَّنِيَّةُ. رَوَى أَحْمَدُ حَدِيثَ «ضَحُّوا بِالْجَذَعِ مِنْ الضَّأْنِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ»، وَلِابْنِ مَاجَهْ نَحْوُهُ. وَرَوَى الشَّيْخَانِ «قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بُرْدَةَ فِي التَّضْحِيَةِ بِجَذَعَةِ الْمَعْزِ وَلَنْ تُجْزِئَ مِنْ أَحَدٍ بَعْدَك أَيْ وَإِنَّمَا تُجْزِئُ الثَّنِيَّةُ وَالثَّنِيُّ» وَيُقَاسُ بِالْمَعْزِ الْبَقَرُ وَالْإِبِلُ وَالْخَصِيُّ مَا قُطِعَ خُصْيَاهُ أَيْ جِلْدَتَا الْبَيْضَتَيْنِ مُثَنَّى خُصْيَةٍ وَهُوَ مِنْ النَّوَادِرِ وَالْخُصْيَتَانِ الْبَيْضَتَانِ وَجَبْرُ مَا قُطِعَ مِنْهُ زِيَادَةُ لَحْمِهِ طَيِّبًا وَكَثْرَةً، (وَالْبَعِيرُ وَالْبَقَرَةُ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا يُجْزِئُ (عَنْ سَبْعَةٍ وَالشَّاةُ) تُجْزِئُ (عَنْ وَاحِدٍ)، وَمَنْ كَانَ لَهُ أَهْلُ بَيْتٍ حَصَلَتْ السُّنَّةُ لِجَمِيعِهِمْ، وَكَذَا يُقَالُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ السَّبْعَةِ فَالتَّضْحِيَةُ سُنَّةُ كِفَايَةٍ، لِكُلِّ أَهْلِ بَيْتٍ أَيْ وَسُنَّةُ عَيْنٍ لِمَنْ لَيْسَ لَهُ أَهْلُ بَيْتٍ وَكُلٌّ مِنْ الْبَعِيرِ وَالْبَقَرَةِ وَالشَّاةِ يَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَأَجْزَاهُ كُلٌّ مِنْ الْأَوَّلَيْنِ عَنْ السَّبْعَةِ مَقِيسٌ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ «نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحُدَيْبِيَةِ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ»، أَيْ فِي التَّحَلُّلِ لِلْإِحْصَارِ عَنْ الْعُمْرَةِ وَالْبَدَنَةُ الْوَاحِدَةُ مِنْ الْإِبِلِ.
(وَأَفْضَلُهَا) أَيْ الْأُضْحِيَّةِ (بَعِيرٌ ثُمَّ بَقَرَةٌ ثُمَّ ضَأْنٌ ثُمَّ مَعْزٌ) كَذَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِ الْأَخِيرِ إذْ لَا شَيْءَ بَعْدَهُ وَفِي الشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْبَدَنَةُ أَحَبُّ مِنْ الْبَقَرَةِ وَالْبَقَرَةُ مِنْ الشَّاةِ وَالضَّأْنُ مِنْ الْمَعْزِ وَفِي حَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ فِي الرَّوَاحِ إلَى الْجُمُعَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي بَابِهَا تَقْدِيمُ الْبَدَنَةِ، ثُمَّ الْبَقَرَةِ ثُمَّ الْكَبْشِ (وَسَبْعُ شِيَاهٍ أَفْضَلُ مِنْ بَعِيرٍ)، أَوْ بَقَرَةٍ لِكَثْرَةِ الدَّمِ الْمُرَاقِ (وَشَاةٌ أَفْضَلُ مِنْ مُشَارِكَةٍ) بِقَدْرِهَا (فِي بَعِيرٍ) أَوْ بَقَرَةٍ لِلِانْفِرَادِ بِإِرَاقَةِ الدَّمِ (وَشَرْطُهَا) أَيْ الْأُضْحِيَّةِ لِتُجْزِئَ (سَلَامَةٌ مِنْ عَيْبٍ يُنْقِصُ لَحْمًا، فَلَا تُجْزِئُ عَجْفَاءُ) أَيْ ذَاهِبَةُ الْمُخِّ مِنْ شِدَّةِ هُزَالِهَا وَالْمُخُّ دُهْنُ الْعِظَامِ (وَمَجْنُونَةٌ) وَهِيَ الَّتِي تَسْتَدِيرُ فِي الْمَرْعَى وَلَا تَرْعَى إلَّا قَلِيلًا فَتَهْزِلُ (وَمَقْطُوعَةُ بَعْضِ أُذُنٍ) وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا، وَهُوَ كَمَا. قَالَ الْإِمَامُ: مَا لَا يَلُوحُ النَّقْصُ بِهِ مِنْ بُعْدٍ وَفِيهِ وَجْهٌ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ (وَذَاتُ عَرَجٍ وَعَوَرٍ وَمَرَضٍ وَجَرَبٍ بَيِّنٍ) فِي الْأَرْبَعَةِ فِي الْأَرْبَعَةِ (وَلَا يَضُرُّ يَسِيرُهَا)، لِأَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ فِي اللَّحْمِ (وَلَا فَقْدُ قُرُونٍ) لِانْتِفَاءِ نَقْصِ اللَّحْمِ، (وَكَذَا شَقُّ أُذُنٍ وَخَرْقُهَا وَثَقْبُهَا) لَا يَضُرُّ (فِي الْأَصَحِّ) إذْ لَا نَقْصَ فِيهَا (قُلْت: الصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ) الْمَنْقُولُ فِي الشَّرْحِ عَنْ الْمُعْظَمِ (يَضُرُّ يَسِيرُ الْجَرَبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّهُ يُفْسِدُ اللَّحْمَ وَالْوَدَكَ وَتَبِعَ فِي الْمُحَرَّرِ الْغَزَالِيُّ وَالْإِمَامُ وَفِي السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهَا، حَدِيثُ «أَرْبَعٌ لَا تُجْزِئُ فِي الْأَضَاحِيِّ الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا، وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ عَرَجُهَا وَالْعَجْفَاءُ» وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ، وَوَجْهُ مُقَابِلِ الْأَصَحِّ فِي شَتَّى الْأُذُنِ وَنَحْوُهُ أَنَّ مَوْضِعَهُ يَتَصَلَّبُ، وَيَصِيرُ جِلْدًا.
(تَنْبِيهٌ): نَقَلَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ زَكَاةِ الْغَنَمِ مِنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّ الْحَامِلَ لَا تُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ فِيهَا اللَّحْمُ وَهُوَ يَقِلُّ بِسَبَبِ الْحَمْلِ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ لِقَصْدِ النَّسْلِ (وَيَدْخُلُ وَقْتُهَا) أَيْ التَّضْحِيَةِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ. (إذَا ارْتَفَعَتْ الشَّمْسُ كَرُمْحٍ يَوْمِ النَّحْرِ)، وَهُوَ الْعَاشِرُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ وَفِي الشَّرْحِ بِدُخُولِ وَقْتِ صَلَاةِ الْعِيدِ (ثُمَّ مَضَى قَدْرُ رَكْعَتَيْنِ) خَفِيفَتَيْنِ (وَخُطْبَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ وَيَبْقَى حَتَّى تَغْرُبَ) الشَّمْسُ (آخِرَ) أَيَّامِ (التَّشْرِيقِ) الثَّلَاثَةِ بَعْدَ الْعَاشِرِ (قُلْت: ارْتِفَاعُ الشَّمْسِ فَضِيلَةٌ وَالشَّرْطُ طُلُوعُهَا ثُمَّ مُضِيُّ قَدْرِ الرَّكْعَتَيْنِ وَالْخُطْبَتَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى دُخُولِ وَقْتِ صَلَاةِ الْعِيدِ بِالطُّلُوعِ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِهَا وَالْأَوَّلُ عَلَى دُخُولِهِ بِالِارْتِفَاعِ الْمَحْكِيِّ هُنَاكَ وَالْمُحَرَّرُ تَبِعَ الْوَجِيزَ هُنَا وَهُنَاكَ وَاعْتَذَرَ عَنْهُ فِي الشَّرْحِ بِأَنَّ كُلًّا عَلَى رَأْيٍ وَرَوَى الشَّيْخَانِ حَدِيثَ «إنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ فِي يَوْمِنَا هَذَا نُصَلِّي ثُمَّ نَرْجِعُ فَنَنْحَرُ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا»، وَحَدِيثَ «أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي الْعِيدَيْنِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ»، فَيُؤْخَذُ مِنْهُمَا أَنَّ أَوَّلَ وَقْتِ التَّضْحِيَةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَالْخُطْبَةِ. وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ حَدِيثَ «فِي كُلِّ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ذَبْحٌ» (وَمَنْ نَذَرَ) أُضْحِيَّةً (مُعَيَّنَةً فَقَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ بِهَذِهِ) الشَّاةِ مَثَلًا (لَزِمَهُ ذَبْحُهَا فِي هَذَا الْوَقْتِ فَإِنْ تَلِفَتْ قَبْلَهُ) أَيْ الْوَقْتِ (فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ أَتْلَفَهَا لَزِمَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِقِيمَتِهَا مِثْلَهَا) بِأَنْ سَاوَتْ ثَمَنَ مِثْلِهَا (وَيَذْبَحُهَا فِيهِ) أَيْ فِي الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْإِتْلَافِ أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهَا اشْتَرَى بِهَا كَرِيمَةً أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ حَصَلَ مِثْلُهَا، كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَلَيْسَ فِيهِمَا مَسْأَلَةُ الْمُسَاوَاةِ (وَإِنْ نَذَرَ فِي ذِمَّتِهِ) مَا يُضَحِّي بِهِ، (ثُمَّ عَيَّنَ) الْمَنْذُورَ لَهُ (لَزِمَهُ ذَبْحُهُ فِيهِ) أَيْ فِي الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ (فَإِنْ تَلِفَتْ) أَيْ الْمُعَيَّنَةُ عَنْ النَّذْرِ (قَبْلَهُ) أَيْ الْوَقْتِ (بَقِيَ الْأَصْلُ عَلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ) الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ، وَالثَّانِي لَا يَبْقَى لِأَنَّهُ عَيَّنَهُ فَتَعَيَّنَ، وَالْأَوَّلُ قَالَ: هُوَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ.
(وَتُشْتَرَطُ النِّيَّةُ) لِلتَّضْحِيَةِ (عِنْدَ الذَّبْحِ) لِمَا يُضَحِّي بِهِ (إنْ لَمْ يَسْبِقْ تَعْيِينٌ) لِأَنَّهُ أُضْحِيَّةٌ (وَكَذَا إنْ قَالَ: جَعَلْتُهَا) أَيْ الشَّاةَ مَثَلًا، (أُضْحِيَّةً)، وَهَذَا تَعْيِينٌ يُشْتَرَطُ فِيهِ النِّيَّةُ عِنْدَ ذَبْحِهَا (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي قَالَ: يَكْفِي تَعْيِينُهَا هَذَا إنْ لَمْ يُوَكِّلْ (وَإِنْ وَكَّلَ بِالذَّبْحِ نَوَى عِنْدَ إعْطَاءِ الْوَكِيلِ) مَا يُضَحِّي بِهِ (أَوْ) عِنْدَ (ذَبْحِهِ) التَّضْحِيَةَ بِهِ، وَقِيلَ: لَا تَكْفِي النِّيَّةُ عِنْدَ إعْطَائِهِ وَلَهُ تَفْوِيضُهَا إلَيْهِ أَيْضًا وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ النِّيَّةِ عَلَى الذَّبْحِ فِي الْأَصَحِّ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ جَوَازُهَا عِنْدَ إعْطَاءِ الْوَكِيلِ فَيُقَيَّدُ اشْتِرَاطُهَا عِنْدَ الذَّبْحِ بِمَا إذَا لَمْ تَتَقَدَّمْهُ وَلَوْ نَوَى جَعْلَ هَذِهِ الشَّاةِ أُضْحِيَّةً وَلَمْ يَتَلَفَّظْ بِشَيْءٍ فَالْجَدِيدُ أَنَّهَا لَا تَصِيرُ أُضْحِيَّةً بِخِلَافِ مَا لَوْ تَلَفَّظَ بِذَلِكَ. (وَلَهُ) أَيْ لِلْمُضَحِّي (الْأَكْلُ مِنْ أُضْحِيَّةِ تَطَوُّعٍ وَإِطْعَامُ الْأَغْنِيَاءِ) مِنْهَا (لَا تَمْلِيكُهُمْ) وَيَجُوزُ تَمْلِيكُ الْفُقَرَاءِ مِنْهَا لِيَتَصَرَّفُوا فِيهِ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ، (وَيَأْكُلُ ثُلُثًا وَفِي قَوْلٍ نِصْفًا) وَيَتَصَدَّقُ بِالْبَاقِي عَلَيْهِمَا وَفِي قَوْلٍ يَتَصَدَّقُ بِثُلُثٍ وَيَأْكُلُ ثُلُثًا وَيُهْدِي إلَى الْأَغْنِيَاءِ ثُلُثًا، وَدَلِيلُهَا الْقِيَاسُ عَلَى هَدْيٍ لِلتَّطَوُّعِ الْوَارِدِ فِي قَوْله تَعَالَى {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} أَيْ الشَّدِيدَ الْفَقْرِ (وَالْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ) أَيْ السَّائِلَ وَالْمُتَعَرِّضَ مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ، (وَالْأَصَحُّ وُجُوبُ تَصَدُّقٍ بِبَعْضِهَا) وَهُوَ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ مِنْ اللَّحْمِ وَلَا يَكْفِي عِنْدَ الْجَلْدِ وَيَكْفِي تَمْلِيكُهُ لِمِسْكِينٍ وَاحِدٍ، وَيَكُونُ نِيئًا لَا مَطْبُوخًا وَالثَّانِي يَجُوزُ أَكْلُ جَمِيعِهَا وَيَحْصُلُ الثَّوَابُ بِإِرَاقَةِ الدَّمِ بِنِيَّةِ الْقُرْبَةِ، (وَالْأَفْضَلُ) التَّصَدُّقُ (بِكُلِّهَا إلَّا لُقَمًا يَتَبَرَّكُ بِأَكْلِهَا) فَإِنَّهَا مَسْنُونَةٌ كَمَا قَالَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ «أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْكُلُ مِنْ كَبِدِ أُضْحِيَّتِهِ»، (وَيَتَصَدَّقُ بِجِلْدِهَا أَوْ يَنْتَفِعُ بِهِ) فِي الِاسْتِعْمَالِ، وَلَهُ إعَارَتُهُ دُونَ بَيْعِهِ وَإِجَارَتُهُ (وَوَلَدُ) الْأُضْحِيَّةِ (الْوَاجِبَةُ) الْمُعَيَّنَةُ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ نَذْرٍ أَوْ بِهِ أَوْ عَنْ نَذْرٍ فِي الذِّمَّةِ، (يُذْبَحُ) مَعَ أُمِّهِ سَوَاءٌ كَانَتْ حَامِلًا عِنْدَ التَّعْيِينِ أَمْ حَمَلَتْ بَعْدَهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، كَأَصْلِهَا وَلَيْسَ فِيهِ تَضْحِيَةٌ بِحَامِلٍ فَإِنَّ الْحَمْلَ قَبْلَ انْفِصَالِهِ لَا يُسَمَّى وَلَدًا كَمَا ذَكَرَاهُ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ.
(وَلَهُ) أَيْ لِلْمُضَحِّي (أَكْلُ كُلِّهِ) وَقِيلَ: يَجِبُ التَّصَدُّقُ بِبَعْضِهِ لِأَنَّهُ أُضْحِيَّةٌ وَصَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ وَالْأَوَّلَ الْغَزَالِيُّ، (وَ) لَهُ (شُرْبُ فَاضِلِ لَبَنِهَا) عَنْ وَلَدِهَا وَقِيلَ: لَا وَفِي أَكْلِهِ مِنْهَا قَوْلَانِ أَوْ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَلَا يَجُوزُ وَفِي الرَّوْضَةِ، كَأَصْلِهَا تَرْجِيحُ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ جَمَاعَةٍ (تَرْجِيحُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَنْ جَمَاعَةٍ) وَأَنَّهُ يُشْبِهُ الْجَوَازَ فِي الْمُعَيَّنَةِ ابْتِدَاءً وَالْمَنْعَ فِي الْأُخْرَى، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْمَاوَرْدِيُّ وَعَلَى الْجَوَازِ فَفِي قَدْرِ مَا يَأْكُلُهُ الْخِلَافُ فِي أُضْحِيَّةِ التَّطَوُّعِ وَلَوْ كَانَتْ الْوَاجِبَةُ بِنَذْرِ مُجَازَاةٍ كَقَوْلِهِ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ بِهَذِهِ الشَّاةِ أَوْ بِشَاةٍ لَمْ يَجُزْ الْأَكْلُ مِنْهَا جَزْمًا. (وَلَا تَضْحِيَةَ لِرَقِيقٍ) بِنَا عَلَى الْأَظْهَرِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ بِتَمْلِيكِ سَيِّدِهِ (فَإِنْ أَذِنَ سَيِّدُهُ) فِيهَا (وَقَعَتْ لَهُ) أَيْ لِلسَّيِّدِ بِشَرْطِهَا وَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُ بِتَمْلِيكِ سَيِّدِهِ وَأَذِنَ لَهُ فِيهَا، وَقَعَتْ لِلرَّقِيقِ وَسَوَاءٌ فِيمَا ذُكِرَ الْقِنُّ وَالْمُدَبَّرُ والمستولدة، (وَلَا يُضَحِّي مُكَاتَبٌ بِلَا إذْنٍ) مِنْ سَيِّدِهِ، فَإِنْ أَذِنَ فَلَهُ التَّضْحِيَةُ فِي الْأَظْهَرِ وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ وَهُوَ نَاقِصُ الْمِلْكِ وَالسَّيِّدُ لَا يَمْلِكُ لَهُ فِي يَدِهِ. وَالْأَوَّلُ قَالَ لَهُ فِيهِ حَقٌّ فَالْحَقُّ لَا يَعْدُوهُمَا وَقَدْ تَوَافَقَا عَلَى التَّضْحِيَةِ فَتَصِحُّ وَمَنْ بَعْضُهُ رَقِيقٌ لَهُ التَّضْحِيَةُ بِمَا مَلَكَهُ بِحُرِّيَّتِهِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إذْنٍ (وَلَا تَضْحِيَةَ عَنْ الْغَيْرِ) الْحَيِّ (بِغَيْرِ إذْنِهِ) وَبِإِذْنِهِ تَقَدَّمَ (وَلَا عَنْ مَيِّتٍ إنْ لَمْ يُوصِ بِهَا) وَبِإِيصَائِهِ تَقَعُ لَهُ..